العلاقة بالآخر المُختلف بين القبول و الإقصاء - الملحدون التونسيون

اخر المواضيع

Home Top Ad

Post Top Ad

الثلاثاء، 28 أغسطس 2018

العلاقة بالآخر المُختلف بين القبول و الإقصاء




إنَّ قُبول اللآخر المُختلف، و العيشُ داخل مجموعةٍ بسلام، هي مكاسبٌ كونيةٌ لو عاد بنا الوقتُ إلى الوراء، لما كُنّا لنسمعها أبدًا، و حتى و إن مورِسَت على الأرضِ الواقِعِ فإنَّ سببَ مُمارستها لعلّ أنَّهُ كان تلبيةً لمصالحٍ و مكاسبٍ فردية أو مجموعاتيّة، ولم تَكُن قد مُورست بدافع وعيٍ أو إلمامٍ بضرورةِ مُعاملة الإنسان، و دون إنتظارِ بطولاتٍ و أمجادٍ منهُ  على أنَّهُ مكسبٌ و ذو قيمةٍ و شأنٍ عظيمين.     بدايةُ الأمرِ علينا أن نقِفَ عِندَ بِضعِ مُغالطاتٍ و نقومَ بتصحيحها حتّى لا نقع في زللٍ كانَ نتاجًا للخلطٍ في المفاهيم.     أولا، حسب رأيي فإنَّ الإنسانُ الذي لا يقبَلُ الإختلاف و يرفُض كلَّ من يختلفُ معهُ سواءً في الرأي أو في الدين أو في العِرق فهوَ إنسانٌ بقي على الطبيعةِ البشرية البدائية القاضيةِ بإزاحةِ كلِّ عُنصرٍ يُهدِّدُ إستقرار صاحبها بمُعارضتِه أو جعله يشعُر و أنَّهُ مُخطِئ فالقيم التي نراها اليوم (بما فيها أهمية الإعتراف بالخطأ، و ضرورة النقد، و مبدأ النسبية و أنَّ كلَّ وِجهات النظر قابلة للنقاش) هي كلَّها قيمٌ حديثةٌ لم نرَ لوجودِها أثرًا قديما، و لم يقدِر الإنسان على الوعي بها إلّا عندما تفطّن لضرورة عدم التسرُّع، و المضي قدمًا نحو الأمام، و ذلك بعدم دفعِ ثقتنا بآراءنا و معلوماتنا حدَّ الغرور، و بذلك صارَ على كيانِه الحالي اليوم: الكيانُ القاضي بضرورة العيش داخل المُجتمع البشري الذي نحنُ مُجبرون دائمًا على التعامُل معه، و رفض الإنسان "ألف" لإختلاف لون بشرته و إقصاء الإنسان "باء" لإختلاف دينه هي مُمارساتٌ سوف لن تؤدّي إلى أيِّ شيءٍ ما عدا المتاعب و تشنُّج العلاقات و الأهم، إنَّ صاحب هذه المُمارسات نهايتُهُ واضحة، البقاءُ وحيدًا.     ثانيًا، إنَّ العبارة التي تأتي بعد "أنت حر و لكن" هي عبارةٌ في غالبِ الأحيانِ تُفصحُ عن شخصٍ يستحي من الإعتراف أنَّهُ عاجزٌ على تقبُّل الإختلاف، فيقول حتى لا يضع نفسهُ محلَّ المُتعصِّب "أنت حُر" ثم يختمُ كلامَهُ بتدخُّلٍ في حريَّةِ الآخر المُخاطَب.     نعي جيدًا، أنَّ عبارة "أنت حُر ما لم تضُر" هي عبارة جميعُنا نتفقُ عليها بلا أدنى شك، و لكن يبقى المُشكل وحيدًا: المفهوم النسبي لعبارة "ما لم تضُر" عند الناس.     فمثلا إنسان "ألف" يرى أنَّ المثلية لا تضُر بشيءٍ ما دامت لا تُمارس عليه بالقوة أو أحيانا أمامه، و إنسان باء يرى أنَّها تضرُّ و ذلك بتسبيب الأمراض و إلخ... و يبقى الصراعُ بين الطرفين حادًا إلى ما لا نهاية، الأول يمدُّ بحججٍ و الثاني كذلك، و لا أحد يُقنع الآخر... و لهذا السبب، علينا أن نعي بأمرٍ ما.     الحُريّات غير قابلةٍ للتجزئة، لا يمكِنُ أن نجلسَ واضعين رِجلًا فوقَ رجلٍ و نختارَ ما يحقُّ للإنسان و ما لا يحقُّ لهُ، و ذلك هو الخطأُ الأكبر.     علينا أن نتفِقَ جميعًا، أنَّ المُدخِّن يشتري سجائرَهُ برضاه و لا أحد يُجبرُه على التدخين و إيذاء نفسه لا بل إنَّهُ يدفعُ مالا مُقابل ذلك، نفسُ المثال علينا أن نقيسَهُ حسب رأيي على جميع المُمارسات داخِل المُجتمع، و الحلُّ للخلاف يكمُن في إعتبار المُدخِّنِ مُذنبًا فور بدءهِ في إجبار كلِّ من حوله على إتباعه و التدخين مثله، أرى و أنَّ المسألة بذلك القدر من البساطة.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

Post Bottom Ad

"أنا وأنت ننتمي لعائلة أكبر من أي دين"