هل فعلاً تُعدُّ علاقة الفلسفة و العلم بالدين علاقةَ تلازمٍ؟ - الملحدون التونسيون

اخر المواضيع

Home Top Ad

Post Top Ad

الاثنين، 30 أبريل 2018

هل فعلاً تُعدُّ علاقة الفلسفة و العلم بالدين علاقةَ تلازمٍ؟



من منَّا لا يعرفُ ديكارت؟ صحيح، لقد أقرَّ ديكارت بإيمانه بوجود خالقٍ، لا بل دعَّم ذلك بحجج و أدلَّةٍ نسبيَّةٍ، و لكن...

لقد طرأت تغييراتٌ منهجيةٌ في الفلسفة قامت بتحسين الفلسفة القديمة، حيثُ نُسفت مناهجٌ إعتاد الفلاسفةٌ إستخدامها في التفلسُف، و أُضيفت أمورٌ أخرى لعلَّ أهمها نظرية المعرفة، فلسفةُ العقل، و الميتافيزيقيا... و تُعدُّ هذه الأخيرةُ قرارًا من بين القرارات التي غابت عن ديكارت، و إن أردنا تعريف الميتافيزيقيا هذه، فهي بإيجازٍ كلُّ ما هو غيبي و يتنمي إلى ما وراء الطبيعة. هي كلُّ ما يتجاوز الإنسان البسيط، من نظريات و ظواهر يصعُب و قد يستحيل غالبًا إثباتها.

لو أنَّ ديكارت شهِدَ هذه التغييرات، هو و غيره من الفلاسفة القُدامى، لما كانوا قد خاضوا في مسائل الوجود من الأساس، فالصحيح هو أنَّ كلُّ شيءٍ يضلُّ نسبيًا، لكن بتفاوتٍ. فمثلا، إثبات وجود الدمِّ في الشرايين و نسف إحتمال أنَّ الدم يسير في الأعصاب، مع توفير الإمكانيات المخبرية كافةً، أمرٌ أسهلُ من إثبات أنَّ الغاية من بعث الإنسان للكون هي التعمير في الأرض، و خلافةُ إلهٍ أيَّا كان إسمه.

إذا أخيرًا، يصحُّ القول أنَّ الدين قد خاض في مسألةٍ غيبيةٍ كمسألة وجود الله من عدمه، و في المقابل، أقرَّت الفلسفةُ بأنَّ قضيَّة الله و الخالق و غيرها من القضايا المُمَاثلة، أمورٌ ما ورائية، ثم إعترفت بعجزها و رفضها الخوض فيها. فهل مازال بعد الآن إعتقادُك عزيزي القارئ بأنَّ الفلسفةَ في علاقةِ تلازمٍ مع الدين؟

العلم، لا يختلفُ أبدًا مع الفلسفة، ففي نهاية المطاف كلاهما عِلمانِ تفرَّعا من علمٍ أكبر منهما و هو المنطق، فهل سيقبل العلم الخوض في المسائل الما ورائية؟

الجواب هو لا أيضًا... العلم إتَّخذ نفس موقف الفلسفة، و راح يبحثُ عن إجابات لأسئلةٍ تبحثُ في الكيفية، أسئلةٌ من قبيل: كيف تطور الإنسان و صار على شكله الحالي، أو سؤال كيف تتكاثر الزواحف. و في المقابل، أقرَّ العلم برفضه الخوض في الأسئلة التي تبحثُ في ماهية الأمور، كالأسئلة من قبيل: لماذا تتكاثر الزواحف، أو سؤال : لماذا تطوَّر الإنسان.

إذا من الواضح جدًّا أنَّ الفلسفة و العلم يصُبَّان في نهرٍ، و الدين يصبُّ في نهرٍ آخرَ مُختلفٍ تمامًا، و هذا كفيلٌ بنسفِ الإدِّعاء الذي يُقرُّ بتلازمية العلاقة بين العِلمين و الدين.



ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

Post Bottom Ad

"أنا وأنت ننتمي لعائلة أكبر من أي دين"